اخر الأخبار

;

حكاية معلم : الحلقة الأولى الولوج الى المركز


بعد مباراة حامية الوطيس من الانتقاء الى الكتابي الى الشفوي ، أكرمني الله بالنجاح و الولوج الى مركز التكوين ، كنت فرحا و أنا أرى اسمي في مقدم الناجحين و في نفس الوقت كنت أحس بفضول شديد حول ما سندرسه هنا و كيف سيكون التكوين و الزملاء وو.
توقفت عن التفكير و أنا أرى تلك الكائنات الملتحفة بالثوب الأبيض تتفحصني و أنا ذلك الكائن الغريب وسط المركز أحدق في لائحة الناجحين التي لم تكن تحتوي على الكثير هم فقط بضع أفراد يشكلون قسما وحيدا فقد بلغ الى علمنا انه تم تقليص عدد المناصب تلك السنة .
   كان المركز عبارة عن بناية لها بوابة مهيبة تخال أنك داخل لقصر كتب على أعلاها اسم المؤسسة بحروف معدنية لامعة
 بعد دخولك يظهر لك ملعب متواضع يستخدم لكرة السلة و كرة القدم وغيرها من الأنشطة الرياضية  و هناك طريق ضيق الى باب اخر هو أشبه ببوابات السجن لوح من ورائه قاعات الدرس، و أنا أخرج كنت أحملق في كل هذا ربما في مقارنة غير متكافئة مع بناية الكلية التي درست بها سنوات .
خرجت و انا أحس بالأرض تدور حولي فقد كنت مصابا بزكام حاد ،أشرت الى تاكسي ليأخذني الى المنزل ركبت كالجثة الهامدة لا وأنا أحس برغبة جامحة ألا يتوقف التاكسي و أطر الى النزول لأني أحس بكل جزء من جسمي قد أصبح ليس لي.
وصلت المنزل و وجدت ابي و أخوتي ينتظرون الخبر الذي ما ان بلغ اليهم حتى فرحوا كثيرا اتخذت مكانا في غرفتي ونمت.
في اليوم التالي جاء العديد من الجيران و الأصدقاء يباركون لي الوظيفة و يشاركونني الفرحة ،  بعد أسبوع تقريبا  ذهبت الى الركز تسجلت ووجدت أن الزملاء قد التحقوا وفي قاعة رصت مقاعدها على شكل دائري اتخذت مقعدي بينهم و عيونهم تتفحصني و أنا أتفحصها عاتبني الحارس العام الذي كان قد استقبل الطلبة الأساتذة قائلا:" وددت لو ان قطاع التعليم تبنى نظاما عسكريا واش من دابا بديتي تعطال " أجبته أني لست ساكنا هنا و قد أخذت مني وسائل النقل وقتا كثيرا .سأله أحد الطلبة ولما يجب أن يكون هناك نظاما عسكريا ،أجابه الحارس العام نعم حتى يعم الانضباط .
بدأ يتحدث لنا عن المركز و عن الأنشطة التي تتم فيه و أنه يجب أن نكون محفزين للقيام بتلك الأنشطة بحكم اننا حاملوا شواهد جامعية .ظهر الحماس على الوجوه. ثم نظر الي وقال ملتفتا الي الجميع تذكروا أن الوزرة  ضرورية و لن يسمح بالدخول لمن لا يتوفر عليها كما أن التأخر و الغياب ممنوع منعا باتا .
خرجنا من تلك الحصة التعريفية التهديدية نتعرف على بعضنا البعض لم نكن كثرا بل قلة قليلة ،دخلنا بعد ذلك حصة علو التربية و لم تكن أيضا سوى حصة استقبال و أستاذ علو التربية هذا نحيل جدا يرتدي بذلة داكنة اللون فاستقبلنا الرجل النحيل القصير استقبال الفاتحين قائلا أنتم خلاصة الخلاصة أبارك لكم ولوج هذه المهنة الشريفة وعبارة "خلاصة الخلاصة" هذه رافقتنا طيلة السنة عرفنا عن نفسه قائلا أنا أيضا أستاذ تعليم ابتدائي سابق حاصل على الاجازة في علم النفس و قد عملت في الثانوية التأهيلية الفلاينية و كتبت مقالات في الصحف الفلانية وو الى غير ذلك و سأكون أستاذا لكم في مادة علوم التي هي مادة جديدة عليكم سنتعرف عليها جميعا ، في الوقت نفسه كانت ورقة تدور من طالب لأخر خط فيها جدول يحتوي على الاسم و النسب و الشهادة الجامعية و تخصصها .ثم تفرق الحشد كل و وجهته وجدت طالبا أخر سألته عن هل وجد سكنا قال انه في حاجة الى شريك وكان هو رفيق السنة التكوينية .
درسنا تلك السنة بجهد جهيد بين التطبيق و النظري و ضغط الإدارة التي كانت تتعامل معنا كأننا مجندون فالدخول بالوقت و الخروج أيضا و الحديث و الاستراحة بالوقت و يمنع الحضور بلا وزرة وو الى غير ذلك من تعليمات الحارس العام و الإدارة الصارمة للوهلة الأولى حسبنا أنفسنا في ثكنة عسكرية تعيش على الضبط و الربط. تعرفنا على بقية الأساتذة منهم من لم أنساه الى الان وهو الأستاذ عبد القادر أستاذ الفيزياء و الذي حقا ل يكن فقط أستاذ فزياء انا تربويا من الدرجة الأولى كأن أنيقا في هندامه و كلامه لين التعامل صبورا على أسئلتنا كل مرة يأتينا بوضعية تربوية معقدة و يسألنا ماذا لو كنت في القس ووقع لك كيت و كيت ماذا ستفعل كنا نحن ببراءة الطالب الأستاذ ننظر اليه و قد استنفذنا أفكارنا فتجده هو يعطينا حلا سحريا للوضعية كان يفيدنا بذلك أكثر مما نستفيد في علوم التربية أو حصص الديداكتيك وكانت له طريقة فريدة ليبدأ محاضراته فما  ان يضع محفظته حتى يعرض علينا لغزا يطلب منا حله وهذا كما يبرره هو حتى نستجمع انتباهنا مرة نفلح في الحل و مرة نفشل فيزودنا بالحل .
لا أنسا أيضا أستاذة اللغة العربية التي كانت تعاني من الاعصاب حسبا سمعنا وكانت تثور لأتفه الأسباب فيوما ثارت بسبب دفتر الغياب و أخذت تسب فبدأ زميلنا المكلف به يرد عليها لم تستسغ الامر  و بدأت تهدده ، بعد لحظات حيث هدأ روعها اعتذرت منه كأن شيئا لم يكن و هي لم تبقى معنا لمدة طويلة سرعان ما عوضها أستاذ اخر وهو زوجها و هو ن أطيب الناس و لا يعرف سبيلا اخر في الحصة غير العمل و الجد وكان يحفظ ديداكتيك العربية عن ظهر قلب كنت أتأمله و أقول كيف حفظ هذا الرجل كل هذه المراحل و الطرائق فهو بالتأكيد نتيجة سنوات من الممارسة في المركز .أيضا كان هناك كائنان غريبان وهما أستاذا الرياضيات  أحده أوكلت له مهمة الدعم و الاخر مهمة الديداكتيك فالأول دائم الابتسام ولوكان غاضبا له نظرتان كقعر الكأس ينظر اليك مبتسما و يحرك يديه عند الشرح بجسده النحيل الذي أكلت منه السنون ما شاءت و يكثر ن كلمة المتعلم " التعلم فعل المتعلم صنع لا تفعل للمتعلم "أما الاخر فهو كائن متكبر تحسبه في البداية يحمل أفكار طاليس و اينشطاين يدخل ببطنه الضخمة التي تسبقه ينظر الينا نظرة احتقار و تكبر وفي يوم من الايام عرفنا أنا صاحبنا ما هو الا أستاذ السلك الاعدادي وليس حاصلا حتى على الاجازة وربما كانت هذه هي النقطة التي جعلته حاقدا علينا ،و من درس في مركزنا لا ينسى الأستاذ القيم على الخزانة فقد فهو لا يفارق الحاسوب دائم الإبحار على الانترنيت يفتخر بمؤلف له ودائما يحيلنا عليه ،مرت السنة بأتراحها و أفراحها وكنا قد وصلنا حد الاحتمال الأقصى و تنفسنا الصعداء مع امتحان التخرج و النجاح الذي كان بنقط هزيلة بالمقارنة مع زملائنا في باقي البلاد وهذا ما سيؤدي الى تصديرنا خارج النيابة التي طلبناها ولكن كما قال تعالى " عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم "

إرسال تعليق

0 تعليقات