اخر الأخبار

;

الأساتذة المتدربون ونار الدولة

بقلم :مول الطباشير
 لقد صدق ما تنبأنا به في احد المقالات السابقة حيث اشرنا أن الاستاذ المغربي لن يصبح له صوت وسيقهر أشد القهر ، لم يكن هذا تنبؤ عرافة أو عراف إنما هوتحليل منطقي لمجريات الأمور ، رغم أن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، و اليوم  يعرف الأساتذة بمختلف تلاوينهم و أسلاكم ، مختلف أنواع القهر و القمع حيث أصبحوا بقدرة قادر غير قادرين على الاضراب بعدما تم قمع هذا الحق في التعبير عن قصد وبطريقة غير قانونية ، حيث حكمت المحكمة الإدارية ببطلان هذا الإجراء مرارا، إلا أننا في بلد لا تطبق فيه أحكام المحاكم على الكل بل تطبق على الفقراء من أبناء الشعب ، وخير دليل الاحكام المتراكمة على الدولة .
      للوهلة الاولى يبدوا هذا القمع اجراءا بسيطا بل حتى البعض من الأساتذة البسطاء -فكريا - ، رحبوا بالفكرة  و تعللوا بأنه قرار للحفاز على جودة التعليم و منع لإستعمال هذا الحق في غير محله . ونفس الشيء بالنسبة لبعض النقابيين الذين اعتقدوا أنها فرصة للقضاء على عهد التنسيقيات الذي عرف ازدهر مع تنسيقية المجازين التي لقنت الدولة درسا و لازالت تلقنه لها.
     ورغم كل ما يعانيه رجال التعليم أبى الاساتذة المتدربون الأ أن يدافعوا على حقهم في التوظيف بعد التكوين ، وهذا الحق الذي استكثرته عليهم الحكومة بصفتهم أبناء الفقراء هو حق مكتسب منذ فجر الاستقلال، جاءت هذه الحكومة للإجهاز عليه . فلما يا ترى يتم تقليص منحة الأساتذة المتدربين بمقدار النصف ، في حين أن باقي معاهد الدولة المدنية و العسكرية التي تعنى بالتكوين الموظفين العموميين يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه الأساتذة المتدربون ، مثل القضاء و غيرها التي يتقاضى المتدربون المنتمون اليها مايقارب راتب استاذ ممارس ذا اقدمية ، إن هذا دليل واضح على مدى استهتار الدولة بقطاع التعليم الذي يعتبر أبو القطاعات لأنه هو من يكون القاضي و الوزير و المدير و الطبيب وغيرهم ، بدون تعليم سيتوجب على الدولة  أن تأتي بالاطر من الخارج مما يفرض زيادة كبيرة في النفقات في حين اليوم الدولة تعرف فائضا في الاطر .
    في ظل هذه الظروف التي يمر منها القطاع ، واصلا الاساتذة المتدربون نضالاتهم وكفاحهم ضد دولة لا تعرف الا التخلص من كل ما يخدم الشعب كالصحة و التعليم ، لإعتبارها أن هذين القطاعين مجرد قطاعين غير منتجين ، رغم ما يقدمانه لهذا البلد من خدمات ، فكيف لدولة تفرط في مستقبلها وصحتها ان تتقدم . 
لقد خرج بنكيران ذات مرة على الشعب بقوله  أن الدولة يجب أن تتخلص من التعليم  ، وهي دعوة صريحة  لخوصصة قطاع حيوي يخدم استقرار الدولة ويكون مواطنيها ، إن حمى الخوصصة هذه نابعة من حاجة الدولة للمال ، خاصة أن هذه الدولة لا تعرف حكامة جيدة في النفقات  بسبب الاسراف في امتيازات البعض ، و ما تعرفه من اسحواذ على ثرواتها من طرف البعض .
إن هذا التهافت يفرض على الدولة التخلص من مسألة التوظيف ، من خلال البحث عن صيغ أخرى من أجل تسيير القطاعات العمومية ، وتقليص النفقات ، خاصة أن كتلة الاجور تلتهم جزءا كبيرا من ميزانية الدولة ، وهكذا فإن الحل الوحيد الذي تفتقت عنه عبقريات الذين يسيرون مناظرات اصلاح الوظيفة العمومية هو التعاقد، وهو حل سحري سيمكن الدولة من تبرئة ذمتها من كافة الالتزامات المادية التي يفرضها نظام الترسيم ،  فالمتعاقد على كل حال سيعمل في اقصى الظروف دون أن يفتح فاهه بكلمة . و سيقتصد على الدولة سنوات من التقاعد و التغطية الصحية و الترقية في حال أرادت ترسيمه .
      وفي ظل هذه السيرورة  فإن فصل التكوين عن التوظيف أصبح ضرورة ملحة للدولة تمهيدا للنزول  بقانون للتعاقدات في الوظيفة العمومية وخاصة بقطاع التعليم الذي يعاني من خصاص مزمن . فمن برنامج عشرة الالاف اطار الذي يعتبره أغلب خبراء التعليم عبثا الى فصل التكوين الى التكوينات الجامعية و بكلية علوم التربية  كلها ستوفر أساتذة ومحضري مختبرات و اداريين يمكن التعاقد معهم في الخاص و العام لتجاوز كل أزمات الخصاص و الخبرات التي قد يعاني منها القطاع .

إرسال تعليق

0 تعليقات