اخر الأخبار

;

مقارنة بيداغوجية بين التدريس بالأهداف و التدريس بالكفايات

إن أهم سؤال يتبادر للدهن أثناء الحديث عن هذه المقاربة البيداغوجية و هو: أين تكمن الجذور و الامتدادات التربوية بين المقاربتين؟
يمكن تقديم المقاربة الفزيولوجية الآتية لتباين الامتدادات و الجذور حيث يمكن اعتبار الأهداف التربوية بمثابة جسد تربوي تنتابه جملة من الاختلالات التربوية. كالمقاربة الإجرائية و اعتمادها على الآلية المبينة على المؤثر، المنبه و الاستجابة التي تبنتها المدرسة السلوكية البيهافيورية لبافلوف و ما تجر. و قد اعتمدت مديرية المناهج بالتعليم المغربي الكفايات كحركة تصحيحية بيداغوجيا، لتصحيح تلك الاختلالات التربوية: باعتبارها أهداف مركبة تعتمد مبدأ التفتح و التفاعل الثنائي بين المتعلم و المدرس إذ يعتبر هذا الأخير كمنشط و مرشد لجماعة الفصل عكس النظرية الدغنائية العمودية التي تعتمد مبدأ التلقين. و بالتالي فقد أدت الانتقادات الكثيرة التي عرفتها بيداغوجيا الأهداف، و خاصة بالنسبة لتركيزها على المقاربة الإجرائية. إلى الدعوة للتدريس بواسطة الكفايات، على اعتبار أن هذه الأخيرة مدخل مناسب للتعلم و تحقيق مستلزمات نمو الشخصية من قدرات و أداءات عقلية و عملية ضرورية.
و من هذا المنطلق نرى ضرورة ملحة تفرض علينا ضرورة طرح السؤال الآتي:
 لماذا العمل بواسطة الكفايات؟ إن العمل بواسطة الكفايات جاء كمحاولة لتجاوز الانتقادات و الثغرات المقاربة السلوكية: الأهداف الإجرائية.
إن العمل التعليمي الممارس داخل الفصل الدراسي كنشاط تفاعلي مفتوح على المبادرة الذاتية و الفعالية.
إن الجمع بين المعرفة و المعرفة الأدائية و معرفة الكينونة هو جمع دينامي، لا يقبل التجزيئ و من ثم فالعمل بالأهداف الإجرائية لا يضمن تحقيق جمع بهذه الصيغة.
إن الصلة المنهجية و الانتقال التدريجي من الأهداف العامة نحو الأهداف الإجرائية، افتراض يتطلب إعادة نظر، لأن الافتراض الصحيح في هذا المضمار يتوقف أساسا على مدى استمرار وجود الصلة بين الهدف العام و مجموعة الأهداف الإجرائية المرتبطة به، و هذا ما يصعب ضمانه دائما، لأن عملية الاشتقاق ليست سهلة على الإطلاق نظرا للتفكيك و الأجرأة.


و تتميز الكفايات بمجموعة خصوصيات مميزة يمكن تلخيصها في النقط الآتية:
b             (الكفاية تعطي امتيازا أقوى للتربية على التعليم، و ذلك لاتصافها بالديمومة و الاستمرارية).
b      (الكفاية لا ترتبط بمضمون تعليمي محدد، إنها ملتقى تتقاطع داخله معارف و مهارات و خبرات و مواقف متعددة تنتمي لمواد تعليمية مختلفة).
b      (الكفاية أكثر دينامية و انفتاحا على غيرها، و هي بذلك تتوفر على قدرة هائلة على التحويل و الاستعمال الواسع، مما يسمح بتحقيق تعلمات من مستوى عال).
يعتمد التدرس بالكفايات على ثلاثة أبعاد تربوية أساسية:
 أولا: المجال المعرفي: الذي ينبني بدوره على العناصر الآتية: - المعرفة – الفهم – التطبيق – التحليل – التركيب.
ثانيا: المجال الحس-الحركي: و ينبني بدوره على العناصر الآتية:
- المحاكاة – المعالجة – الدقة – التناسق – اكتساب طبيعة ثانية.
و قد ركزت هذه النظرية على الجانب و المجال الوجداني: الذي تطرق له الفيلسوف: "كراتول" بالدراسة و التحليل ضمن صنافته المشهورة و صنافة كراتول: و قد ركز في تحليله على العناصر الآتية و سنعمل على تحليل مبسط لكل عنصر على حدى:
1- التقبل: "و هو تحسيس المتعلم بوجود بعض الظواهر، بحيث يطرح عليه مشروع عمل جماعي و بعد تقديم الشروحات الضرورية حول المشروع يتم حث المتعلم على تقبل هذا العمل و الاهتمام به حيث يبدي انتباها إلى كيفية العمل".
2- الاستجابة: "و يقصد بها الاستجابات الأولى التي تتلو الانتباه العادي للظواهر، حيث يتقبل المتعلم المشاركة في المشروع و يبدي استعدادا و حماسا في الانضمام إلى جماعات العمل الانجاز".
3- التثمين: "و هو استبطان مجموعة من القيم المثالية الخاصة، كأن يتبنى المتعلم قيم و المتمثلة في احترام الرأي الآخر، و التعاون، و المسؤولية، و و يقرر الالتزام بها".
4- ترتيب القيم: "و يقصد بها تنظيم القيم و ترتيبها و تحديد العلاقات التي ترتبط بينها".
5- تنظيم منظومة من القيم: "يقوم المتعلم بجمع مجموعة من القيم المتفرقة لتتحول لديه المفاهيم التي تتضمنها هذه القيم كنسق يكيف سلوكه في الحياة و يتبع منهجا أخلاقيا جيدا للاندماج أكثر في الجماعة اللسانية المنتمي إليها و ليصبح عنصرا نشطا و فعالا و منتجا".
  
خــــاتمـــــــــة:
إن تطبيق مقاربة التدريس بالكفايات في الحقل التعليمي المغربي لمن شأنه أن يمهد الطريق لإرساء اللبنات الأساسية لجودة التعليم كرهان أساسي لمدرسة النجاح المغربية لكون مقاربة الكفايات تفتح أفق و إمكانيات لإبراز القدرات و المهارات الخاصة لكل من المتعلم و الأستاذ و تفادي الطرق التقليدية، التلقينية، السلوكية الإجرائية و تعويضها بمنهجية تؤمن بقدرات التلميذ و تثق في مؤهلاته باعتباره رجل المستقبل.

إعــداد : ذ: المهدي الملوك
 م.م: الطياميــم
    نيابــة اليوسفية
المراجع المعتمدة:
·      كتاب: "بناء الكفايات انطلاقا من المدرسة" لفيليب بيرنو.
·      كتاب: "الكفايات في التعليم" للدكتور محمد الدريج.
·      لسان العرب. ابن منظور.
·      التخطيط التربوي – وزارة التربية الوطنية- إعداد: محمد بيدادة.
·      معجم علوم التربية
·      تنشيط الجماعات عن مجلة سيكولوجية التربية 1999.
·      سلسلة التكوين التربوي رقم3: أهمية سوسيولوجيا التربية.

إرسال تعليق

0 تعليقات