اخر الأخبار

;

رد ناري لأستاذ من العرائش على مفتشة مبتدئة بالاقليم

رد ناري لأستاذ من العرائش على مفتشة مبتدئة بالاقليم اتهمت الاساتذة بالتسبب في السكتة القلبية للتعليم بالمغرب: كلامكِ شبيه بما يروج في الحمامات.
_

طلعت علينا المفتشة رشيدة الزياني مغرقة في الذاتية ، وبإسهاب كبير، بأدوار المفتش ومسؤولياته، واصفة نفسها بالإطار الأعلى الذي يطمح كل واحد من رجال التعليم وموظفي الوزارة إلى نيله.
وفي الواقع،فليس لهذه الإشادة ما يبررها، خصوصا إذا كانت صادرة عن واحدة من أبناء الدار، فالمفتشة التي تعتقد نفسها من وجهة نظرها “ضمير المنظومة وخبيرتها”، هي، من وجهة نظري،”جسم غريب في منظومة التربية والتكوين.جسم لا يمكن الركون في تفسير سلوكياتها وممارساتها العملية إلى ما أثمره علم التربية المعاصر في موضوع المفتش وأدواره ومحددات سلوكه، فهي تعاني ازدواجية في الخطاب، وتعمل بالشيء ونقيضه. تعطي الانطباع بأنها تساير الإصلاح، وتجتهد في مواكبة”الجودة”بكل فروعها ومستلزماتها، لكن عندما يتعلق الأمر بالتدبير،تتعثر هذه المفتشة وتصاب بالشلل. تعطي الانطباع بأنها ملتصقة بهموم القطاع ومشاكله كما هي في الواقع، ولكننا نراها منخرطة في نقاشات ومنازلات كلامية شبيهة بما يروج في الحمامات.
تقول بأهمية التكوين العالي والمستمر للمدرس بما يكفل تطوير أساليب عمله،لكنها في العمق تشن حملة مسعورة ضد كل من آثر مخالفتها او معارضتها،وفي الوقت الذي تطمح فيه الشعوب والأمم الواعية بقيمة الاستثمار في ميدان التربية والتعليم وإلى تنشئة وتكوين مدرسين قادرين على التعامل مع متغيرات العصر ومطالبه،يبدو-والله اعلم أن دور مفتشتنا المسكينة سيقتصر على تأطير المدرسين بمصوغات بالية تكبل عقولهم،وتأسر تفكيرهم،وتفقدهم القدرة على التعبير عن حاجاتهم وطموحاتهم ومنتظراتهم من التعليم المدرسي.
وللتذكير فقط، عسى أن تنفع الذكرى، فمفتشتنا تكاد تكون الموظفة الوحيدة في التعليم التي ليست لها جدول لحصص العمل، فلا أوقات للدخول، ولا اوقات للخروج،فهي التي تحدد أوقات زيارتها للأساتذة الذين يخضعون لسلطتها، وقد تدوم هذه الزيارة دقائق وقد تصل ساعات حسب الظروف، يعقبها تقرير نمطي شبه جاهز. ورغم أن بعض الاستثناءات من مفتشي التعليم تقوم بعمل استثنائي لإنجاح بعض الاوراش الإصلاحية، وهي ،للأسف، باتت تستشعر غربتها يوما بعد يوم،فإن”الباقيات الصالحات من هذه الهيئة كمفتشتنا تشتغل بالحد الادنى وتتحصن بمضامين الاختيارات والتوجيهات الناظمة للمنهاج الدراسي وكأن الاستاد ليس على المام شامل بالنظام التربوي وأسسه .
ومن المفارقات الغريبة والمدهشة أن الأستاد يعامل كمجرم في قفص الاتهام، ويخجل الأساتذة العاملون في القرى النائية والجبال والمداشر العميقة من طرح مشاكلهم الحقيقية لكن لا حياة لمن تنادي. كنت اعتقد أن المفتشة صادقة في نضالاتها وهي تتحدث عن دورها في الإصلاح، وأن الوزارة قد غمطتها حقها. اليوم وقد تجلت النتائج، ووضحت الغايات، مازال المشكل قائما وما زال قطار الإصلاح يعرف الكثير من العراقيل، أن تكبر مفتشنا في أعيننا يوما، ونراها وقد تخلت اقتناعا عن لعب دور”صاحب سلطة” أو تقمصت دور”البعبع”الذي يخيف.
كنت آمل ألا تفرط في تعاملها العدائي تجاه الاساتذة والمعلمين، وأن تستوعب المقولة الشهيرة”مصلحة التلميذ في مصلحة الأستاذ “..
كنت آمل أن تنساق ممارستها التفتيشية في اتجاه يخدم التكوين والتأطير والتتبع المستمر للفعل التدريسي، والدعم المهني والنظري والعملي والمنهجي، وذلك في اطار عملية تربوية تقويمية مستمرة وتشاركيه،شاملة ودقيقة،بدلا من الممارسة الهادفة إلى ضبط المنزلقات وتصيد الاخطاء وكشف العورات، وتحرير التقارير للتعثرات والثغرات في تكريس مكشوف لمنطق السلطوية واحتكار الحقيقة والحد من ابداع المدرس واختزاله في أداة للتنفيذ غير الواعي، البعيد عن مسار الاجتهاد والإبداع ..
كنت،آمل..وآمالي كثيرة، لكنني لن أستمر في طرح المتمنيات وتوزيع”أحلام اليقظة حتى لا أكون كتاجر الانتخابات الذي يضحك على ذقون العباد، ويتسلق ظهورهم للوصول إلى أهداف محسوبة وضيقة. .
سأكتفي بالقول إن مفتشنا لم تكن محتاجة في يوم من الأيام إلى القيام بعملية نقد ذاتية وموضوعية واسعة بقدر ما هي محتاجة إليها الآن، ووحدها هذه الخطوة ستحفظ لها موقعا رمزيا في منظومة التربية والتكوين، وإذا اختارت عكس ذلك،فستكون للأسف إزاء إعادة انتاج فصل النهاية التراجيدية للبطل عطيل في مسرحية وليم شكسبير الشهير..
وللافادة ليس لك مستقبلا زاهرا بهذا الاقليم..
أستاد غيور

إرسال تعليق

0 تعليقات