اخر الأخبار

;

أكثرُ من نصفِ مليونِ طفلٍ مغربيّ بدون هُوّية



أرْقام صادمة، تلك التي كشفتْ عنها الجمعية المغربية لوقاية الطفل من الجريمة، حول واقع الطفولة في المغرب، خلال مائدة مستديرة نظمتها الجمعية حول موضوع "حقّ الطفل في الهوية الكاملة"، شارك فيها قضاة ومحامون وباحثون.
وقالت رئيسة الجمعية رشيدة أيت حمي، إن التقديرات والإحصائيات المتوفرة من سنة 2003 إلى غاية سنة 2009، تُفيد أن عدد الأطفال المغاربة بدون هوية يبلغ نصف مليون طفل؛ هذا الرقم، توضّح أيت حمي، في تصريح لهسبريس، سيكون قد عرف ارتفاعا، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأضافت المتحدّثة أنّ هذا الرقم يبيّن مدى خطورة هذا الأمر، وهو ما يستدعي من جميع المؤسسات العمومية المعنية والمجتمع المدني العمل في إطار إستراتيجية تشاركية متكاملة، لمعالجة هذا الموضوع.
واعتبر المشاركون في الندوة، ظاهرة الأطفال بدون هوية، ظاهرة اجتماعية من أهمّ وأخطر الظواهر، نظرا لارتباطها بأحد أهمّ الحقوق الأساسية للطفل، ألا وهو حقّه في التمتّع بالهوية.
وتُعتبر العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، من أكثر العوامل المؤدّية إلى تكاثر أعداد الأطفال بدون هويّة، بسبب تنصُّل آبائهم من الاعتراف بهم، وترْكهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم.
في هذا الصدد قالت رئيسة الجمعية المغربية لوقاية الطفل من الجريمة، إنّه في الوقت الذي تنصّ المواثيق الدولية والوطنية على ضمان حقّ الأطفال في الهوية، فإنّ المجتمع المغربي حافل بأطفال قُدر لهم أن يكونوا ثمرة ارتباط خارج إطار الزواج الشرعي، فضّل آباؤهم أن يتنصلوا من مسؤوليتهم تجاههم تاركينهم يواجهون مصيرهم المجهول".
واعتبرت المتحدّثة أنّ الأطفال ثمرة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، يعتبرون الخاسر الأكبر في هذا الارتباط، في ظلّ تحْمليهم مسؤولية جُرم أو فعل لا ذنب لهم فيه، من طرف المجتمع؛ من ناحية أخرى قالت أيت حمي إنّ بعض الآباء يعمدون إلى حرمان أبنائهم من الهوية لمجرد الانتقام من زوجاتهم، بسبب خلافات قد تكون بسيطة.
غير أنّ العلاقات الزوجية خارج إطار الزواج، ليست السبب الوحيد لحرمان الأطفال من الهوية، بل هناك أسباب أخرى، ذكرت منها رئيس الجمعية المغربية لحماية الطفل من الجريمة، في تصريح لهسبريس، العوائق الإدارية، والظروف الاجتماعية لفئات من المجتمع، والمتّسمة بالفقر.
ففيما يتعلق بالمساطر الإدارية، قالت أيْت حمي، إنّ ثمّة إجراءات بسيطة لو تمّت، لكان بالإمكان أنْ تحدّ من تفشيّ ظاهرة الأطفال بدون هويّة، ذاكرة منها خلْق خليّة تواصل بين وزارة الصحّة ووزارة الداخليّة، من أجل التبليغ عن جميع الولادات، حتى يتسنّى لمصالح وزارة الداخليّة أن تسجّل جميع المواليد، ومن ثمّ، تكون لهم هويّة منذ الولادة.
وفي علاقة بالمساطر الإدارية، وارتباطها مع الوضعية الاجتماعية الهشّة لكثير من فئات المجتمع، قالت رئيسة الجمعية المغربية لحماية الطفل من الجريمة، إنّ آباء الأطفال غير المسجّلين في لوائح الحالة المدنيّة، يتملّكهم الخوف من الذهاب إلى المحكمة، لاستخراج هويّة لأطفالهم، وهو ما يحول دون قيامهم بالإجراءات اللازمة لذلك، مُبدية استعداد الجمعية لعقد شراكة مع وزارة الداخلية لتذليل هذا العائق.
ويُرخي حرمان الأطفال من حقّهم في التمتّع بالهوية، الذي يُعتبر من الحقوق الأساسية للطفل، على مستقبل الأطفال، الذين يدفعون ثمن عدم تمتّعهم بالهوية، على عدّة مستويات، إذ أوضحت رئيسة الجمعية المغربية لوقاية الطفل من الجريمة، أنّ حقّ تمتّع الطفل بالهوية، يعتبر مدخلا لتمتّعه بباقي حقوقه الأساسية، مثل الحق في التعليم والحق في الصحة والحق في الشغل الحق في التصويت والترشيح.
ففيما يتعلق بالحقّ في التعليم، قالت أيت حمي إنّ الأطفال الذين لا هويّة لهم، ينتهي مسارهم الدراسي عند حدود السنة السادسة من التعليم الابتدائي، حيثُ يُطلبُ منهم إحضار عقد الازدياد عند إجراء امتحان نهاية السنة الدراسية، وإلا يكونون ممنوعين من اجتيازه، "رغم أنّ الحق في التعليم يقرّه الدستور، والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وهؤلاء الأطفال لا ذنب لهم"، تردف المتحدثة.
عدم تمتّع الأطفال بالهوية، تقول رشيدة أيت حمي، يجعل منهم "أطفالات أشباحا"، رغم تواجدهم الفعلي، داعية إلى تدخّل جميع الفاعلين، من أجل وضع حدّ لهذه الظاهرة، وتطويقها، للحدّ من آثارها السلبية، وعواقبها، التي قد تمتدّ إلى بيْع الأطفال، واستغلالهم في البغاء، أو الترويج للمواد الإباحية.
ودعت الجمعية المغربية لحماية الطفل من الجريمة إلى ضرورة إجراء تعديل يروم معالجة هذه الوضعية على مستوى مدونة الأسرة، ورفع التمييز بين الأبوة الشرعية و الأبوة الطبيعية، وذلك انسجاما مع مقتضيات الدستور الذي ينص على سمو المواثيق الدولية، وكذا الفصل 32 منه الذي ينص في الفقرة الثالثة على أنّ الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.

إرسال تعليق

0 تعليقات