اخر الأخبار

;

حكاية معلم :الحلقة الثانية :الطريق الى زاكورة


بعد فرحتنا الغامرة بامتحان التخرج و الاهم أنه لا أحد سواءا من فوجنا أو من الفوج الاخر رسب ،لأن الرسوب في المركز يعني الطرد و الحرمان من العمل ، فقد أرسل لي زميلي سعيد ذات مساء رسالة تهنئة على الهاتف الجوال قرأتها فرحت و رددت عليه "الله ايجازيك بيخير ا خويا سعيد و نتوما شنو درتو و الاخوان كلهم ياك ماسقط شي حد.." رد علي بالنفي فرحت لأنه لم تكن لتكتمل فرحتي لو زميلا أو صديقا عزيزا رسب و كان مصيره مشؤوما . ففي هذه البلاد ما ان تجد وظيفة مهمى كانت بسيطة حتى تمسك بها بالشفتين و الاسنان فالالوف المؤلفة من العاطلين تجوب الشوارع و يعلو وجوهها الشابة  بؤس العطالة ، وعند تناولنا الطعام أنا و أخواني زففت لهم الخبر تنفس الجميع الصعداء .
وبعد يومين ذهبت المركز للاستقصاء حول المنحة المتبقية  وو أنا أدخل تلك البناية الفخمة الباب المتواضعة البنية أحسست كأني تحررت من قيود وهواجس و مخاوف سألت الحارس العام عن المنحة قال لي بأنها لم تصل بعد، و أخبرني أن دبلوم المركز موجود لديه فقط طلب من التوقيع ثم تسلمته و خرجت بعد أن ألقيت على تلك القطعة من الورق المقوى نظرة فاحصة استنتجت أنها أعدت باهمال و انها غير متقنة الصنع .
لم يمضي سوى شهر تقريبا  حتى راسلني أحد الزملاء مبشرا بالتعيين في نفس الجهة التي أنتمي اليها ، التي هي سوس ماسة درعة و بالضبط نيابة اقليم زاكورة .هرولت مسرعا الى أقرب مقهى أنترنيت ولجت موقع الوزارة الغير متقن التصميم و الذي يتمثل لك كلما ولجته للحصول على خبر كأنه شخص عبوس يحمل الشؤم في جعبته .. فتحت الملف و تاكدت من الخبر و أنا أحادث نفسي لماذا زاكورة لماذا لم أعين في نيابتي قرب أهلي أعدت النظر مرارا و أنا لم أصدق من هول الصدمة ثم أخذت أطلع على باقي التعيينات فإذا بي أجد أن كل الذكور كان مصيرهم زاكورة ومن كان في ذيل لائحة الناجحين تم تعيينه بطاطا أما الفتيات فكلهن في نيابتنا ، وأنا أقول لما هذا الظلم لما هذا الحيف ألسنا بشر مثل بعضنا البعض  بدأت ألوم نفسي لماذا لم أراجع اكثر لماذا لم أنتبه اكثر و أبذل مجهودا لعله كان سيكون  شفيعا عند صاحب المدفع الذي قذفنا ، وفجأة وقعت عيني على   اسم  زميلنا سعيد و هو الاول على الدفعة لكن تفاجأت و انا أراه في ذيل الترتيب  بعد اخر فتاة بدأت أتساءل ما هذا المنطق ؟حتى التفوق لا يشفع .كانت هذه أولي المرات التي اكتشفت فيها تناقضات الوزارة  ولم تكن هذه سوى البداية.
    عدت الى المنزل كأني جندي مهزوم أجر اذيال الخيبة و الهزيمة ، دخلت وجد اسرتي مجتعين حول كؤوس الشاي ، بعد تبادل النظرات قلت :" لقد ظهرت نتيجة التعيينات .." الكل اتسعت عيناه وعلت وجوههم ابتسامات الاستبشار بالخير ،مجيبين في لحظة واحدة "أين"  فأجبتهم زاكورة الكل يستغرب الكل يتعجب أو يتحسر فزاكورة كانت في خيال الجميع صحراء قفار لا وحش يسير و لا طير يطير.نبس أبي الحمد لله على كل حال فزاكورة على الاقل لا تكثر فيها الجبال و الوديان ويغلب عليها طابع الانبساط ولكنك ستعاني من مشكل الحرارة رغم أنكم في وظيفة التعليم محظوظون فما إن يبدأ موسم الحر حتى تدخلوا أنتم في عطلتكم الصيفية ، رغم ذلك بردت تلك الكلمات هول الصدمة .
بعد أسبوع أخر تقريبا بلغ الى علمي أنه يجب علي الالتحاق بالنيابة لأختيار المدارس و ذهبت ركبت التاكسي الكبير الابيض من مدينة ورزازات نحو زاكورة كان التاكسي أشبح بعلبة السردين أغلب من ركابه هم من فصيلتي -أي من رجال التعليم- يتحذثون عن زاكورة و مايتخيلونه عن أهولها و هو أصلا على ما يبدو من مدن الداخل أي البيضاء و الرباط و ما جرى مجراهما ركبنا متزاحمين لا متراحمين نتبادل نظرات الغرباء المتفحصة و انظلق التاكسي يقطع بنا الوديان و جبال ايت ساون التي هي عبارة عن سلسلة جبال عالية تمر منها طريق معبدة و حرارة الشمس اللافحة ترحب بالاساتذة و انها ما تبقى من حرارة الصيف فنحن في بداية شتنبر .كنت طل من النافذة لعل بعض الاشجار تلوح لي لكن لم أرى سوى قفارا تتخللها بعض الدواوير و أنا أتمنى كلما رأيت دوارا قريبا على الطريق أن يكون من نصيبي  كنت أحفظ اسماء بعض الدواوير التي تطل على الطريق المعبد و القريبة الى ورزازات ، لعلي أضعها في اختيار رابح،توالت الكلومترات و وصلنا زاكورة و هي مدينة صعيرة ليسكثيفا بناؤها عند المدخل  كنت اتأملها الا أن أيقضني صوت السائق "سيادنا على سلامتكم .." نزلت  لم أعرف أين توجد هذه النيابة المقصودة رحت أتمشى قليلا في الشارع خارج محطة التاكسي ، سألت أحج المارة عم موقع النيابة قال لي انها بعيدة قليلا عن هنا ستحتاج الى تاكسي صغير ووصف لي الطريق ،لوحت لصاحب التاكسي الصغير ، فأوقف الرجل سيارته الصغيرة امامي ألقيت عليه التحية و أشرت اليه أن يأخذني الى نيابة التعليم، بدأ يسير ورويدا ثم فاجأني "زعمة أخويا الناس فهد العالم فشكل واحج السيد خديت عندو ثلاجة بقات مدة خسرات  مابقاش باغي ايبدلها قالك ماكاينش الكارنتي ... " بدأ يحكي لي عن الثلاجة و صاحبها كأني صديقه الحميم و أنا أيضا أشاركه الحديث كأني مهتم بما يقوله غير أن عقلي مشغول بالتعين و كيف سيكون ،وكانت هذه أولى اللحظات التي أتذوق فيها طيبة أهل زاكورة فهم طيبون -أغلبهم- لأن في كل مجتمع الصالح و الطالح يتحذثون اليك مرحبين بك كأنك من أهل المكان أو  من العائلة .وصلت النيابة وجدت أصدقائي شرحو لي كيف تتم تعبئة المدارس دخلت عند المسئوول حييته و رأني أتصبب عرقا ، فأردف قائلا :"أستاذ واقيلا عاد جيت ..ايوا عل سلامتك " مبتسما سلمني الورقة شرح لي بعجالة و دلني على خريطة توجد في قلب النيابة فيها المدارس و الجماعات .وجدت العديد من الاساتذة يحومون حولها و الكل يكتب اسم المنطقة القريبة لمخرج اقليم زاكورة لجهة ورزازات بدأت أسأل الاساتذة ماذا عن هذه المنطقة هل تعرفونها  هل ؟ هل؟ بعض الاساتذة القدامى الذين رمت بهم القدرة الى جانبنا يعينوننا بعض أساتذة الاعدادي و الثانوي حديثي التخرج انزووا الى جانب اخر تفاديا للاندماج معنا كأنهم هم من رتبة و نحن من رتبة ادنى .الكل يملء بطاقته كاننا لاعبو الميسر كل يراهن على مدرسة لعلها الرابحة ، لم يكن أحد لينبهنا أو يوفر لنا معلومات كافية حول الفرعيات في الحقيقة هذه مهمة الوزارة التي يجب أن توفر معلومات مفصلة حول الوحدات المدرسية ،أتممت البطاقة حوالي 92 مدرسة ومجموعة مدرسية ،أخذتها الى الموظف هناك تسلم الورقة و هو غائب يتحدث مع صديق له بلهجتهما الزاكورية الفريدة الحلوة .خرجت بحتث عن بقية الزملاء الكل رحل فانا أتيت أًلا متاخرا ،تفاجأت باحدى الزميلات معنا في زاكورة سألتها ماذا تفعلين هنا كل الفتيات بقين في ورزازات ، أجابتني أن الامر متعلق بالتحاق بزوجها باركت لها و تمنيت لها التوفيق، وهمت أبحث عن تاكسي يأخذني بعيدا عن هذه الشمس الملتهبة ركبت التاكسي و دفعت ثمن التوصيلة لصاحبه و أنا احتضن قنينة ماء ، ثم استسلمت للنوم و لم أستيقض الا و نحن نحلق فوق جبال أيت ساون و لم يتبقى الا كلمترات للدخول الى ورزازات .ثم الى المنزل حيت سأنتظر أياما معدودات ثم تاتيني مكالمة من زميلي الذي عين معي في نفس المجموعة يخبرني أن المدير يسأل عني.

إرسال تعليق

0 تعليقات